الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب بقوله: لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله - عز وجل - فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم، لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، والسيادة قد تكون بالنسب، وقد تكون بالعلم، وقد تكون بالكرم، وقد تكون بالشجاعة، وقد تكون بالملك، كسيد المملوك، وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدًا، وقد يقال للزوج: سيد بالنسبة لزوجته، كما في قوله تعالى: فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد به من كان من نسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم أولاد فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أي ذريتها من بنين وبنات، وكذلك الشريف، وربما يراد بالشريف من كان هاشميًا وأيًّا كان الرجل أو المرأة سيدًا أو شريفًا فإنه لا يمتنع شرعًا أن يتزوج من غير السيد والشريف، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم، محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان، وليس هاشميًا، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميًا. فأجاب قائلًا: لا يرتاب عاقل أن محمدًا، صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، من طاعة الله ـ سبحانه وتعالى ـ: وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدًا، صلى الله عليه وسلم، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه، وأن لا ينقص عنه، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه، ولا ينقص من دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي، صلى الله عليه وسلم، علينا. وعلى هذا فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدًا، صلى الله عليه وسلم، سيد، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع. وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: فأجاب قائلًا: لا شك أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ من سيدات نساء الأمة، ولكن إطلاق "السيدة" على المرأة و"السيدات" على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضع النساء، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهن سيدات مطلقًا، والحقيقة أن المرأة امرأة، وأن الرجل رجل، وتسمية المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة، ولكن ليس مقتضى ذلك أننا نسمي كل امرأة سيدة. كما أن التعبير بالسيدة عائشة، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفًا عند السلف بل كانوا يقولون: أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة، فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك. فأجاب بقوله: اختلف في ذلك على أقوال: القول الأول: أن النهي على سبيل الأدب، والإباحة على سبيل الجواز، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز. القول الثاني: أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو، والإباحة إذا لم يكن هناك محذور. القول الثالث: أن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك: (سيدي أو سيدنا) لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك، ولأن فيه شيئًا آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل لكن هذا يرد عليه إباحته صلى الله عليه وسلم، للرقيق أن يقول لمالكه: "سيدي"؟ لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه: "سيدي" أمر معلوم لا غضاضة فيه، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلًا لذلك، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب وخنوع المتكلم، أما إذا لم يكن أهلًا، كما لو كان فاسقًا أو زنديقًا فلا يقال له ذلك حتى ولو فرض أنه أعلى منه مرتبة أو جاهًا، وقد جاء في الحديث: فأجاب قائلًا: قول: "شاءت الأقدار"، و "شاءت الظروف" ألفاظ منكرة، لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن، والزمن لا مشيئة له، وكذلك الأقدار جمع قدر، والقدر لا مشيئة له، وإنما الذي يشاء هو الله - عز وجل - نعم لو قال الإنسان: "اقتضى قدر الله كذا وكذا". فلا بأس به. أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة، ولا إرادة للوصف، إنما الإرادة للموصوف. فأجاب بقوله: لا يصح أن نقول : " شاءت قدرة الله" لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة لمن يشاء، ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع : هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول: هذا خلق الله أي مخلوقه. وأما أن نضيف أمرًا يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز. ومثل ذلك قولهم: "شاء القدر كذا وكذا" وهذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدّر. والله أعلم. فأجاب بقوله: لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد، حتى لو قتل مظلومًا، أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولًا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدًا، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل: هو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قتل شهيدًا؟ ولهذا لما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: فأجاب بقوله: الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين: أحدهما: أن تقيد بوصف مثل أن يقال: كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد، ونحو ذلك، فهذا جائز كما جاءت به النصوص، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونعني بقولنا :ـ جائز ـ أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقًا لخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. الثاني: أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه : إنه شهيد، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري - رحمه الله - لهذا بقوله: "باب لا يقال: فلان شهيد" قال في الفتح 90/6 : "أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيدًا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله، أو قُتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر" ا.هـ. كلامه. ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيدًا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى ذلك: رواهما البخاري من حديث أبي هريرة، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن. والرجاء مرتبة بين المرتبتين، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولًا في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه. ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، بالوصف أو بالشخص، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ. وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند خالقه ـ سبحانه وتعالى ـ. فأجاب بقوله: لقب شيخ الإسلام عند الإطلاق لا يجوز، أي إن الشيخ المطلق الذي يرجع إليه الإسلام لا يجوز أن يوصف به شخص، لأنه لا يعصم أحد من الخطأ فيما يقول في الإسلام إلا الرسل. أما إذا قصد بشيخ الإسلام أنه شيخ كبير له قدم صدق في الإسلام فإنه لا بأس بوصف الشيخ به وتلقيبه به. فأجاب بقوله: رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله (1) والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو ـ سبحانه وتعالى ـ لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدًا، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له : صدفة، ولا حرج فيه، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز. فأجاب بقوله: هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس، إنما تعبد الله ـ عز وجل ـ كما قال الله تعالى: فأجاب قائلًا: التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله - عز وجل - فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: أما قول السائل في سؤاله: "مع أن الله هو الحارث" فلا أعلم اسمًا لله تعالى بهذا اللفظ، وإنما يوصف - عز وجل - بأنه الزارع ولا يسمى به كما في قوله تعالى: فأجاب قائلًا: هذه العبارة قد يقولها من يقولها يريد بذلك أن كلام الله - عز وجل - وحكمه كله صواب، وليس فيه خطأ وهي بهذا المعنى صحيحة، لكن لفظها مستنكر ومستكره، لأنه كما قال السائل قد يوحي بأن هناك عاصمًا عصم الله - عز وجل - والله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الخالق، وما سواه مخلوق، فالأولى أن لا يعبر الإنسان بمثل هذا التعبير، بل يقول : الصواب في كلام الله، وكلام رسوله، صلى الله عليه وسلم. فأجاب بقوله: هذه الألفاظ ليس فيها بأس إلا أنها تقيد بما يكون غير مخالف للشرع، فليس الإنسان على هواه في كل شيء، وليست العين في كل شيء تراه، المهم أن هذه العبارة من حيث هي لا بأس بها لكنها مقيدة بما لا يخالف الشرع. فأجاب قائلًا: هذا التعبير صحيح، لأن المراد الفأل الذي هو من الله، وهو أني أتفاءل بالخير دونما أتفاءل بما قلت، هذا هو معنى العبارة، وهو معنى صحيح أن الإنسان يتمنى الفأل الكلمة الطيبة من الله ـ سبحانه وتعالى ـ دون أن يتفاءل بما سمعه من هذا الشخص الذي تشاءم من كلامه. فأجاب قائلًا: كلمة "فكر إسلامي" من الألفاظ التي يحذر عنها، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر. أما "مفكر إسلامي" فلا أعلم فيه بأسًا لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكرًا. فأجاب فضيلته بقوله: ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: فأجاب بقوله: هذا لا يجوز لأنه من باب التألي على الله - عز وجل - وقد ثبت في الصحيح أن رجلًا كان مسرفًا على نفسه، وكان يمر به رجل آخر فيقول: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله - عز وجل - : فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر، لأنه يقتضي أن الله - عز وجل - ينسى، والله ـ سبحانه وتعالى ـ لا ينسى، كما قال موسى، عليه الصلاة والسلام، لما سأله فرعون: أما إذا كان جاهلًا ولا يدري ويريد بقوله: "إن الله افتكره" يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر، لكن يجب أن يطهر لسانه عن هذا الكلام، لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين - عز وجل - ويجيب بقوله: "توفاه الله أو نحو ذلك". فأجاب قائلًا: قاضي القضاة بهذا المعنى الشامل العام لا يصلح إلا لله - عز وجل - فمن تسمى بذلك فقد جعل نفسه شريكًا لله - عز وجل - فيما لا يستحقه إلا الله ـ عز وجل ـ وهو القاضي فوق كل قاضٍ. والحكم وإليه يرجع الحكم كله، وإن قيد بزمان أو مكان فهذا جائز، لكن الأفضل أن لا يفعل، لأنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله، وإنما جاز هذا لأن قضاء الله لا يتقيد، فلا يكون فيه مشاركة لله - عز وجل - وذلك مثل قاضي قضاة العراق، أو قاضي قضاة الشام، أو قاضي قضاة عصره. وأما إن قيد بفن من الفنون فبمقتضى التقييد يكون جائزًا، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل: عالم العلماء في الفقه سواء قلنا بأن الفقه يشمل أصول الدين وفروعه على حد قوله، صلى الله عليه وسلم: فأجاب فضيلته بقوله: تقسيم الدين إلى قشور ولب، تقسيم خاطئ، وباطل، فالدين كله لب، وكله نافع للعبد، وكله يقربه لله - عز وجل - وكله يثاب عليه المرء، وكله ينتفع به المرء، بزيادة إيمانه وإخباته لربه - عز وجل - حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات، وما أشبهها، كلها إذا فعلها الإنسان تقربًا إلى الله - عز وجل - واتباعًا لرسوله، صلى الله عليه وسلم، فإنه يثاب على ذلك، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها، بل ترمى، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا أخلص النية لله، وأحسن في اتباعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى الذين يروجون هذه المقالة، أن يفكروا في الأمر تفكيرًا جديًا، حتى يعرفوا الحق والصواب، ثم عليهم أن يتبعوه، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات، صحيح أن الدين الإسلامي فيه أمور مهمة كبيرة عظيمة، كأركان الإسلام الخمسة، التي بينها الرسول، صلى الله عليه وسلم، بقوله: وأما بالنسبة لمسألة اللحية: فلا ريب أن إعفاءها عبادة، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر به، وكل ما أمر به النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، بامتثاله أمر نبيه، صلى الله عليه وسلم، بل إنها من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، وسائر إخوانه المرسلين، كما قال الله تعالىعن هارون: أنه قال لموسى: فأجاب بقوله: قول: "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قصد به الدعاء بالخير. فأجاب بقوله: الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان، وإنما أمر بالاستعاذة منه كما قال الله تعالى : فأجاب بقوله: إذا قال: "لو فعلت كذا لكان كذا" ندمًا وسخطًا على القدر، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله، لقول النبي، عليه الصلاة والسلام: وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله - عز وجل - فهذا من أعظم القبائح ـ والعياذ بالله ـ لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله تعالى بمنزلة سب الله ـ سبحانه وتعالى ـ فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى دينه، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده، وما ظلمه الله، ولكن كان هو الظالم لنفسه. فأجاب بقوله: لفظ "لك الله" الظاهر أنه من جنس "لله درك" وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل. فأجاب قائلًا: إن كان القصد أنه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به، وإن كان القصد أن للوقت تأثيرًا فلا يجوز. فأجاب بقوله: استعمال "لو" فيه تفصيل على الوجوه التالية: الوجه الأول: أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص: لو زرتني لأكرمتك، أو لو علمت بك لجئت إليك. الوجه الثاني: أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيرًا فهو مأجور بنيته، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال، قال: لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الوجه الثالث: أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها، لأنها لا تفيد شيئًا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائمًا في سرور، ودائمًا في فرح ليكون متقبلًا لما يأتيه من أوامر الشرع، لأن الرجل إذا كان في ندم وهم وفي غم وحزن لا شك أنه يضيق ذرعًا بما يلقى عليه من أمور الشرع وغيرها، ولهذا يقول الله تعالى لرسوله دائمًا: فأجاب قائلًا: قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز، ففي المشيئة مثلًا لا يجوز أن تقول : فأجاب قائلًا: القول بأن المادة لا تفنى وأنها لم تخلق من عدم كفر لا يمكن أن يقوله مؤمن، فكل شيء في السماوات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال الله -تعالى- : وأما كونها لا تفنى فإن عنى بذلك أن كل شيء لا يفنى لذاته فهذا أيضًا خطأ وليس بصواب، لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء، وإن أراد به أن من مخلوقات الله مالا يفنى بإرادة الله فهذا حق، فالجنة لا تفنى وما فيها من نعيم لا يفنى، وأهل الجنة لا يفنون، وأهل النار لا يفنون. لكن هذه الكلمة المطلقة "المادة ليس لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء" هذه على إطلاقها كلمة إلحادية فتقول: المادة مخلوقة من عدم، فكل شيء سوى الله فالأصل فيه العدم. أما مسألة الفناء فقد تقدم التفصيل فيها. والله الموفق. فأجاب قائلًا: لا يصح أن نقول: "شاءت قدرة الله"، لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة للشائي ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع: هذه قدرة الله، كما نقول: هذا خلق الله، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز. وأما قول السائل: (إن الصفة تتبع الموصوف) فنقول: نعم، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شيئًا يستقل به الموصوف، وهي دارجة على لسان كثير من الناس، يقول: شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز، لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر. فأجاب قائلًا: يقول الناس: ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلًا، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهني هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير، فالمعنى إذًا صحيح لكن اللفظ فيه إيهام، وعلى هذا يكون تجنب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم، ولكن التحريم صعب أن نقول: حرام مع وضوح المعنى وأنه لا يقصد به إلا ذلك. فأجاب بقوله: الأحسن أن يقال: من المتوفى؟ وإذا قال من المتوفي؟ فلها معنى في اللغة العربية، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها. فأجاب بقوله: هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق، إلا لله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو الذي له المثل الأعلى، وأما إذا قال: "فلان كان المثل الأعلى في كذا كذا"، وقيده فهذا لا بأس به. فأجاب قائلًا: قول القائل : "دفن في مثواه الأخير" حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت: في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شيء له، وهذا يتضمن إنكار البعث، ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شي، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، فالقبر آخر شيء عندهم، أما المسلم فليس آخر شيء عنده القبر وقد سمع أعرابي رجلًا يقرأ قوله تعالى : لهذا يجب تجنب هذه العبارة فلا يقال عن القبر: إنه المثوى الأخير، لأن المثوى الأخير إما الجنة، وإما النار في يوم القيامة. فأجاب قائلًا: الأولى أن يقال : المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا بلفظ التصغير، لأنه قد يوهم الاستهانة به. فأجاب بقوله: لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي، صلى الله عليه وسلم، انتساب غير صحيح لأنه لو كان صحيحًا لآمنوا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، فإن إيمانهم بمحمد، صلى الله عليه وسلم، إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، لأن الله تعالى قال: وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد، صلى الله عليه وسلم، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام. فأجاب بقوله: بعض الناس ينكر قول القائل : "فلان المغفور له، فلان المرحوم" ويقولون: إننا لا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبرًا أن هذا الميت قد رحم أو غفر له، لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم، أو غفر له بدون علم قال الله تعالى: على كل حال نقول: "لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا: "فلان المرحوم، فلان المغفور له" وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبرًا ونقول : إن الله قد رحمه، وإن الله قد غفر له، ولكننا نسأل الله ونرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار، وفرق بين هذا وهذا. فأجاب بقوله: هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها، فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أم سعيد. فأجاب بقوله: الولاية تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله تعالى: القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله، ولها في اللغة معان كثيرة منها الناصر، والمتولي للأمور، والسيد، قال الله تعالى: وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك: مولاي بمعنى سيدي ما لم يخش من ذلك محذور. فأجاب بقوله: هذا ليس بحجة لقوله تعالى: فأجاب بقوله: لا يجوز لأحد أن يستشفع بالله - عز وجل - إلى أحد من الخلق، فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع به إلى خلقه، وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له، فكيف يصح أن يجعل الله تعالى شافعًا عند أحد؟. فأجاب بقوله: هذا لا يجوز وهو يشبه قول القائل: مطرنا بنوء كذا وكذا الذي قال فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن الله ـ عز وجل ـ: والأنواء ما هي إلا أوقات لا تحمد ولا تذم، وما يكون فيها من النعم والرخاء فهو من الله تعالىوهو الذي له الحمد أولًا وآخرًا، وله الحمد على كل حال. فأجاب قائلًا: قول "لا حول الله"، ما سمعت أحدًا يقولها وكأنهم يريدون "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فيكون الخطأ فيها في التعبير، والواجب أن تعدل على الوجه الذي يراد بها، فيقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله". فأجاب قائلًا: أكره أن يقول القائل: "لا سمح الله" لأن قوله: "لا سمح الله" ربما توهم أن أحدًا يجبر الله على شيء فيقول: "لا سمح الله" والله - عز وجل - كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، فأجاب بقوله: "لا قدر الله" معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز، وقول: "لا قدر الله" ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك، إذ إن الحكم لله يقدر ما يشاء، لكنه نفي بمعنى الطلب فهو خبر بمعنى الطلب بلاشك، فكأنه حين يقول: "لا قدر الله" أي أسأل الله أن لا يقدره، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية وعلى هذا فلا بأس بهذه العبارة. فأجاب بقوله: هذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه، لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف. فأجاب بقوله: "يا هادي، يا دليل" لا أعلمها من أسماء الله، فإن قصد به الإنسان الصفة فلا بأس كما يقول : اللهم يا مجري السحاب، يا منزل الكتاب وما أشبه ذلك، فإن الله يهدي من يشاء و"الدليل" هنا بمعنى الهادي. فأجاب بقوله: قول : "يعلم الله" هذه مسألة خطيرة، حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شيء : يعلم الله والأمر بخلافه صار كافرًا خارجًا عن الملة، فإذا قلت: "يعلم الله أني ما فعلت هذا" وأنت فاعله فمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر، "يعلم الله أني ما زرت فلانًا" وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع، ومعلوم أن من نفى عن الله العلم فقد كفر، ولهذا قال الشافعي - رحمه الله - في القدرية قال: أما إذا كان مصيبًا، والأمر على وفق ما قال فلا بأس بذلك، لأنه صادق في قوله ولأن الله بكل شيء عليم كما قالت الرسل في سورة يس :
|